تجاوز سعر صرف الدولار مقابل اليورو حاجز 1.5 الأربعاء، ووصل سعر برميل النفط إلى 102 دولار معززا بذلك كسر حاجز الـ100 دولار.
لكن هل هذه الحواجز النفسية -حسب توصيف أهل سوق المال- هي مجرد حواجز وهمية لا معنى لها ولا تعبر عن شيء إلا عن أعداد صحيحة اصطلح أهل السوق عليها، أم أنها تحمل معاني حقيقية.
إذ هوت العملة الأميركية الأربعاء لأدنى مستوى لها على الإطلاق مقابل العملات الأخرى، وهو أعلى مستوى منذ استحداث العملة الأوروبية الموحدة سنة 1999، وترافق هبوط الدولار مع صعود النفط فوق حاجز 100 دولار.
وجاء هبوط الدولار الأربعاء بعد إعلان تقرير يبين انخفاض ثقة المستهلكين الأميركيين لأدنى مستوى بخمس سنوات.
وعزز ذلك التقرير وبيانات ضعيفة لمبيعات التجزئة وقطاع التصنيع توقعات باضطرار الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) مواصلة خفض أسعار الفائدة على الدولار ما يزيد الضغوط على العملة الأميركية.
واستمر الدولار اليوم بانخفاضه إلى 1.5126 دولار لليورو بعد نشر بيانات رسمية تبين أن النمو الاقتصادي بالولايات المتحدة كان أضعف من المتوقع بالربع الأخير من العام الماضي، وارتفاع طلبات إعانة البطالة عما هو متوقع.
ودعمت تلك البيانات التوقعات بمواصلة مجلس الاحتياطي الاتحادي خفض أسعار الفائدة.
و يعتبر الخبير المالي والاقتصادي أسامة الأنصاري أن حاجز 1.5 لسعر صرف الدولار مقابل اليورو هو أمر تقني يخص المتعاملين بالسوق الذين يؤمن كثر منهم بهذا الحاجز، وتغلب الآنية والسرعة على تعاملاتهم.
واعتبر أن إغلاق السوق على هذا الحاجز ومعاودة التعاملات بالسعر نفسه يعني استمرار الصعود وتجاوز الحاجز إلا إذا تحسنت المؤشرات الأساسية للاقتصاد الكلي للولايات المتحدة الأميركية.
فالتغيرات بأسعار الصرف وتجاوز الحواجز النفسية للأسعار لا تستمر ما لم تدعم هذا التوجه مؤشرات الاقتصاد الكلي.
ورأى أن الاقتصاد الأميركي يمر حاليا بمرحلة ركود تضخمي، وهذه مسألة تحتاج وقتا أطول من المتوقع لمعالجتها، مشيرا لوجود دورة اقتصادية تمتد 7 سنوات.
واستذكر الأنصاري كسر حاجز 10 آلاف نقطة لمؤشر داو جونز، وقال إنها حواجز يصنعها المتعاملون بالسوق، واعتبر أن 70% من أسواق السلع عبارة عن مضاربات.
وتابع أنه عند طرح اليورو بالسوق سنة 1999 كانت قيمته إلى الدولار 1.17، وانخفض لاحقا إلى 0.82 من الدولار ثم عاد وارتفع ليتجاوز الآن 1.5 دولار مقابل اليورو.
ويرى الكاتب والمحلل الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي صعوبة قياس العوامل النفسية بتأثير كسر الحواجز النفسية.
ورد ارتفاع اليورو مقابل الدولار إلى ما أسماه ظاهرة التخلص من الدولرة، حيث يدفع خوف الناس على مدخراتهم رؤوس الأموال نحو البورصات رغم عامل المخاطرة فيها.
ويتابع الصاوي أن بقاء أموال الناس في البنوك مع استمرار قرارات تخفيض الفائدة يعني خسارة القيمة الحقيقية للنقود بسبب التضخم ما يخلق عائدا سلبيا عليها لدى إيداعها البنوك.
ويرى الصاوي أن الدولار سيستمر بالنزول في سياسة متعمدة من الولايات المتحدة لتشجيع نمو صادراتها واستقطاب الاستثمارات.
وعن النفط يقول الصاوي إن كميات الإنتاج لم تتغير، ولكن تغيرات الأسعار تقف وراءها عوامل نفسية وسياسية.
ويعتقد الصاوي أن الخريطة الاقتصادية العالمية ستتغير، فالاقتصاد الأميركي الذي دعم أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية بمشروع مارشال سيتلقى أي دعم لازم للحيلولة دون سقوطه، ولكنه لن يبقى العامل الأبرز على تلك الخريطة بل ستقف إلى جانبه اقتصادات جديدة.